للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأمثلة أيضاً ما قاله عند قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (١). اختلف الناس في الأرجل، فقرأها قوم: (وأرجلِكم) خفضاً، وقرأها بعضهم: (وأرجلَكم) نصباً، فمن قرأها (وأرجلِكم) خفضاً فقال: يغسل، ومنهم من قال: يمسح، والغسل سنة. ومن قرأها (وأرجلَكم) نصباً فهو الغسل، ومن قرأها بالخفض فجعلها معطوفة على الرؤوس؛ لأنها تليها، وقد يعطف الشيء على ما يليه، وقد يعطف على الذي قبله. (٢).

ويذكر المؤلف القراءات الشاذة، ويرجح المعنى الذي تدل عليه القراءة الصحيحة، ومن الأمثلة على ذلك قول المؤلف: وأما قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (٣) فإن ابن عباس كان يقرؤها: (وعلى الذين يُطَوَّقُونَهُ)، ولا يطيقونه، ويقول: إنها في الشيخ والشيخة إذا عجزا عن الصيام.

وروي عنه ضد ذلك رواه حماد بن زيد عن سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين عن ابن عباس: أنه قرأ هذه الآية (فديةُ طعامِ مساكين) قال: هي منسوخة.

ثم قال: وأما قراءة من قرأ (يطوقونه) فإن هذه القراءة ليست في مصحفنا المجتمع عليه، والذي يبطل ذلك قوله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (٤) فكيف يقال لمن لا يطيق: وأن تصومه خير لك؟

ومن قرأ (فدية طعام مسكين وطعام مساكين) فإنه يصير إلى معنى واحد، فمن قرأ (مسكين) يريد عن كل يوم مسكين، ومن قرأ (مساكين) يريد عن الأيام بعددها مساكين.


(١) [سورة المائدة: الآية ٦] انظر من هذه الرسالة ص: ٦٢٧.
(٢) وانظر أيضاً ص: ١٩٠، ٤١٣، ٤٢٩، ٤٣٧.
(٣) [سورة البقرة: الآية ١٨٤] انظر من هذه الرسالة ص: ١٨٠، ١٩٠.
(٤) [سورة البقرة: الآية ١٨٤]

<<  <   >  >>