(٢) قال الأزهري: هذا الخبر إذا تدبر لم يكد يفهم وفيه مثلان فضرب أحدهما للمفرط في جمع الدنيا ومنعها من حقها وضرب الآخر للمقتصد في أخذها والانتفاع بها فإن قوله وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا فهو مثل للمفرط الذي يأخذها بغير حق وذلك أن الربيع ينبت أجرار البقول والعشب فتستكثر منها الماشية حتى تنتفخ بطونها لما جاوزت حد الاحتمال فتنشق أمعاؤها وتهلك كذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها ويمنع ذا الحق حقه يهلك في الآخرة بدخوله النار وأما مثل المقتصد فقوله -صلى الله عليه وسلم- إلا أكلة الخضر إلى آخره وذلك أن آكلة الخضر ليست من أجرار البقول التي ينبتها الربيع لكنها من الجنبة التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول فضرب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- آكلة الخضر من المواشي مثلا لمن يقتصد في أخذه الدنيا وجمعها ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها فهو ينجو من وبالها كما نجت آكلة الخضرة ألا تراه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال فإنها إذا أصابت من الخضر استقبلت عين الشمس ثلطت وبالت أراد أنها إذا شبعت منها بركت مستقبلة الشمس لتستمرئ بذلك ما أكلت وتجتر وتثلط واذا ثلطته فقد زال عنها الحبط وإنما تحبط الماشية لأنها لا تثلط ولا تبول. (٣) أي: إلحاحًا.