الحمدُ للَّه الذي بعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، وأقام في كل عصر من يحوط هذه الملة بتشييد أركانها، وتأييد سننها وتبيينها، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، شهادة يزيح ظلام الشكوك صبح يقينها، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، المبعوث لرفع كلمة الإسلام وتشييدها، وخفض كلمة الكفر وتوهينها، -صلى اللَّه عليه وسلم- وعلى آله وصحبه ليوث الغابة وأسد عرينها.
هذا كتاب: أودعت فيه من الكلم النبوية ألوفًا، ومن الحكم المصطفوية صنوفًا، اقتصرت فيه على الأحاديث الوجيزة، ولخصت فيه من معادن الأثر إبريزه، وبالغت في تحرير التخريج فتركت القشر وأخذت اللباب، وصنته عما تفرد به وضّاع أو كذاب (١)، ففاق بذلك الكتب المؤلفة في هذا النوع: كالفائق والشهاب، وحوى من نفائس الصناعة الحديثية ما لم يودع قبله في كتاب، ورتبته على حروق المعجم مراعيًا أول الحديث فما بعده؛ تسهيلًا على الطلاب، وسميته:"الجامع الصغير من حديث البشير النذير"؛ لأنه مقتضب من الكتاب الكبير الذي سميته:"جمع الجوامع" وقصدت فيه جمع الأحاديث النبوية بأسرها، وهذه رموزه:
(١) لم يفِ السيوطي -رحمه اللَّه- في هذا الشرط فقد أورد في كتابه عشرات بل مئات الأحاديث الموضوعة ومما تفرد به كذاب كما بينه شيخنا في مقدمته لصحيح وضعيف الجامع الصغير.