أما متى تُقضى هذه السنن، فإن جميع الأوقات تصلح لقضاء السنن، لا فرق بين أوقات الكراهة وغيرها، فقد مرَّ قبل قليل حديث كُرَيب، وحديث عبد الله بن أبي قيس، وحديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وكلها تدل على قضاء سنة الظهر البعدية بعد صلاة العصر، وكذلك حديث أبي سلمة، فإنه يدل على قضاء السنة قبل العصر بعد صلاة العصر، والصلاة بعد العصر منهيٌّ عنها للأحاديث التي أوردناها في بحث [السنن الراتبة المؤكدة] في هذا الفصل عند الحديث على سُنَّة العصر الراتبة. وروى قيس - بن عمرو - رضي الله عنه «أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبح، ثم قام يصلي ركعتين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما هاتان الركعتان؟ فقال: يا رسول الله ركعتا الفجر لم أكن صليتهما فَهُما هاتان، قال، فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه ابن خُزَيمة والحاكم والبيهقي. ورواه ابن حِبَّان بلفظ «.. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليه فلم ينكر ذلك عليه» . فهذا الحديث يدل على جواز قضاء سُنَّة الفجر في وقت الكراهة، وهو الوقت الذي يعقب صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وترتفع. فالصلاة عقب صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وترتفع منهيٌّ عنها للأحاديث الواردة في بحث [السنن الراتبة المؤكدة] في هذا الفصل عند الحديث على سُنَّة العصر الراتبة، ولكن الكراهية في أداء الصلاة في أوقات النهي إنما هي خاصة بصلاة التطوع المطلقة غير المقيدة بوقت أو بسبب أو بغرض خاصٍّ، أما قضاء السنن الراتبة والملحقة بها، وأداء الصلوات ذوات الأسباب والأغراض الخاصَّة، كتحية المسجد وصلاة الكسوف وصلاة الجنازة، وكصلاة الاستخارة وصلاة الحاجة وصلاة الاستسقاء، فكلُّ ذلك جائز في أوقات النهي هذه.