للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحديث الرابع فيُحمَل على أنَّ المراد منه لا صلاة كاملة، وليس نفي الصلاة بالكلية. والمعلوم في علم أصول الفقه أن إعمال الدليلين خير من إهمال أحدهما، وأن القول بعدم تعارض الأدلة أولى من القول بتعارضها. ذلك أن عندنا جملة من الأحاديث تدل على ما ذهبنا إليه من عدم وجوب صلاة الجماعة، فإذا فهمنا الأحاديث الثلاثة هذه على أنها دالة على فرضية صلاة الجماعة، فإننا سنضطر للقول بتعارض الأدلة والقول بإهمال قسم منها، وهذا ما لا يصح اللجوء إليه إلا عند عدم إمكانية الجمع والتوفيق بينها، والإمكانية هنا ممكنة ومتوفرة بما سبق ذكرُه، وهذه الأحاديث هي:

١ - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءاً» رواه أحمد والبخاري ومسلم.

٢ - عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال «صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً الصبح فقال: أشاهدٌ فلانٌ؟ قالوا: لا، قال: أشاهدٌ فلان؟ قالوا: لا، قال: إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبواً على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى» رواه أبو داود وأحمد والنَّسائي.

٣ - عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصلي ثم ينام» رواه البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>