للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - عن يزيد بن الأسود رضي الله عنه قال «حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، قال: فصلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح أو الفجر، قال: ثم انحرف جالساً أو استقبل الناس بوجهه، فإذا هو برجلين من وراء الناس لم يصليا مع الناس فقال: ائتوني بهذين الرجلين، قال: فأُتيَ بهما ترعد فرائصُهما، فقال: ما منعكما أن تصليا مع الناس؟ قالا: يا رسول الله إنَّا قد كنا صلينا في الرحال، قال: فلا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه، فإنها له نافلة» رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي والترمذي والدارمي.

الحديث الأول جعل صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد بخمس وعشرين مرة، فلو كانت صلاة المنفرد غير مقبولة ولا جائزة لما قيل ما قيل، وهذا واضح الدلالة على صحة صلاة المنفرد. والحديث الثاني يقول «إن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده» ولا يقال هذا القول لو كانت صلاة المنفرد غير جائزة، وهذا أيضاً واضح الدلالة على صحة صلاة المنفرد. والحديث الثالث يقول «الذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصلي ثم ينام» فاعتبر صلاة الجماعة أعظم أجراً من صلاة المنفرد، وهذا يعني اشتراكهما في الأجر، وإلا لما كانت هذه المفاضلة. أما الحديث الرابع فقوله «إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فلْيصلها معه فإنها له نافلة» . فقوله «إذا صلى أحدكم في رحله» وقوله «فلْيصلِّها معه فإنها له نافلة» يدلان على أنَّ صلاة المنفرد قد قُبِلت، فإن صلاها بعدئذٍ في المسجد مع الإمام جماعة فإن صلاة الجماعة تكون نافلة، وهذا من أوضح الدلالات على صحة صلاة المنفرد، إذ لو كانت صلاة الجماعة واجبة عليه وصلاةُ المنفرد غيرَ مقبولةٍ لاعتُبِرت صلاة المسجد هي الصلاة المفروضة المؤداة وليس الصلاة في الرحل، وهذا ظاهرٌ جداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>