لكل ما سبق أقول: إنَّ القول بعدم التعارض بين الأدلة هنا أولى من القول بوجود التعارض، وعلى هذا تُحْمَلُ الأحاديث الأربعة الأولى على أنها تعني مطلق الحث، ولا تفيد وجوباً ولا فرضاً.
أما فضل صلاة الجماعة فإن أحاديث كثيرة قد جعلتها تَفْضُل صلاة المنفرد بخمس وعشرين درجةً أو جزءاً أو صلاةً، على اختلاف في الروايات، أذكر منها ما يلي:
١- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: تَفْضُل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءاً، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر، ثم يقول أبو هريرة: فاقرأوا إن شئتم: إنَّ قرآن الفجرِ كان مشهوداً» رواه البخاري ومسلم وابن ماجة والنَّسائي وأحمد.
٢- وعنه رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمساً وعشرين درجة..» رواه البخاري ومسلم وابن ماجة.
٣- عن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «فضلت صلاة الجماعة على صلاة الفذِّ خمساً وعشرين» رواه أحمد والنَّسائي. قوله صلاة الفذِّ: أي صلاة المنفرد.
٤- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ما من رجل يتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يأتي مسجداً من المساجد، فيخطو خطوة إلا رُفع بها درجة أو حُطَّ بها عنه خطيئة، وكتبت له بها حسنة، حتى إن كنا لنقاربُ بين الخُطا، وإنَّ فضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده بخمس وعشرين درجة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنَّسائي وابن ماجة.
٥- وعنه رضي الله عنه قال: إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال «صلاة الجمع تَفْضُلُ على صلاة الرجل وحده خمساً وعشرين ضعفاً، كلها مثل صلاته» رواه أحمد والبزَّار والطبراني.