للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنعقد الجماعة باثنين: إمامٍ ومأمومٍ واحدٍ ولو كان المأموم صبياً، وتنعقد في الفريضة كما تنعقد في النافلة دون فارق بينهما، وإذا كان المأموم واحداً وجب أن يقف إلى يمين الإمام دون أن يتقدم عنه أو يتأخر، ولا يصح الوقوف إلى يسار الإمام، فإن فعل أثم ولكن تظل صلاته مقبولة. ولا يجب على الإمام أن ينوي الإمامة، فلو صلى أحدٌ منفرداً ثم جاء شخص فوقف حذاءه مؤتمَّاً به انعقدت له صلاة جماعة رغم أن الإمام لم ينو الإمامة ابتداءً، لا فرق في ذلك بين الفريضة والنافلة، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال «بتُّ عند خالتي ميمونة، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل، فقمت أصلي معه فقمت عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه» رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والنَّسائي. ووقع في رواية ثانية لمسلم من طريق ابن عباس بلفظ «.. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقمت إلى جنبه الأيسر فأخذ بيدي فجعلني مِن شقِّه الأيمن» . فهنا كانت صلاةُ جماعة من إمام ومأمومٍ صبي، فابن عباس رضي الله عنه كان آنذاك صبياً ابن عشر سنين، فقد قال ابن عباس رضي الله عنه «مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن عشر سنين وأنا مختون، وقد قرأت المُحْكَم من القرآن» رواه أحمد. وعن ابن عباس أيضاً قال «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقمتُ إلى جنبه عن يساره، فأخذني فأقامني عن يمينه، وقال ابن عباس: وأنا يومئذ ابن عشر سنين» رواه أحمد. ويدل الحديث إضافةً إلى ما سبق على أن الإمام لا يجب عليه أن ينوي لصلاة الجماعة عند الابتداء، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وحده، فالتحق ابن عباس بصلاته، فأقرَّه واستمر يصلي به جماعة. ويدل على ذلك بشكل أوضح ما جاء في رواية ثانية عند أحمد بلفظ «.. فأمهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا عرف أني أريد أن أُصلي بصلاته لفت يمينه فأخذ بأُذُني فأدارني حتى أقامني عن يمينه ... » .

<<  <  ج: ص:  >  >>