للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كونهما حقاً، فلم يبق إلا أن يدخلا في الباطل، وهذا نظر فاسد لا يصح. وقد استعمل العرب هذه اللفظة للدلالة على مطلوبات لازمةٍ أدبياً كقولهم حقُّك عليَّ أن أزورك، أو حقِّي عليك أن تساعدني في محنتي، وأمثال ذلك مما لا يصح أن يفهم منه الوجوب والحتم، وهذا الحديث هو من هذا القبيل.

قال مجد الدين عبد السلام بن تيمية صاحب المنتقى (وهذا يدل على أنه أراد بلفظ الوجوب تأكيد استحبابه، كما تقول حقُّك عليًّ واجب والعِدةُ دَيْن، بدليل أنه قرنه بما ليس بواجب بالإجماع وهو السِّواك والطيب) ومما يشهد لصحة فهمنا حديث أورده ابن حِبَّان عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «حقًّ على كل مسلم أن يغتسل كل سبعة أيام، وأن يمسَّ طيباً إن وجده» فقد أطلق هذا الحديث لفظة (حق) على الغسل وعلى التطيًّب، والمعلوم عند الجميع أن التطيًّب ليس واجباً في الشرع، فهذا دليل ناصع على أن إطلاق لفظة (حق) على الغسل لا يعني بالضرورة أن الغسل واجب شرعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>