للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا البحث يشمل من أسلم من الكفار ابتداءً ومن أسلم بعد ردَّةٍ سواء كان ذكراً أو أنثى. وقد اختلف الأئمة في حكم اغتسال الكافر إذا أسلم على ثلاثة آراء رئيسية:

١- فذهب أبو حنيفة والشافعي في رواية عنه إلى استحباب غسل الكافر إذا أسلم عموماً. وفي رواية عن أبي حنيفة الوجوب على من أجنب ولم يغتسل حال كفره، فإن اغتسل لم يجب.

٢- وذهب الشافعي في رواية ثانية إلى وجوب الغسل على الكافر إن أجنب سواء اغتسل أو لم يغتسل.

٣- وذهب أحمد ومالك وأبو ثور والشوكاني إلى وجوب اغتسال الكافر إطلاقاً سواء أجنب أو لم يجنب، اغتسل أو لم يغتسل.

وبالتدقيق في هذه الآراء الثلاثة نجد أن مدار البحث إنما هو على جنابة الكافر، فالرأي الأول عمَّم استحباب اغتسال الكفار، وحيث أن الاغتسال حكم شرعي وتكليف، وأن الصبيان غير مكلفين، فيتخرج عندنا أن استحباب الاغتسال قد عُمم على البالغين من الكفار، والبالغ منهم جُنُب كما لا يخفى، فيكون الرأي الأول قد عُمِّم على من أجنب من الكفار، ورواية أبي حنيفة في الرأي الأول واضح فيها أن مدار الاغتسال إنما هو على الجنابة.

أما الرأي الثاني فواضح فيه أن مدار البحث هو جنابة الكفار.

وأما الرأي الثالث فمداره على الجنابة سلباً وإثباتاً (أجنب أو لم يجنب) ، أمَّا إثباتاً فواضح، وهو يماثل الرأي الثاني، وأما سلباً فهو يُخرج البحث عن مدار الجنابة وإن بقي له تعلُّق بها. وهذا التدقيق يوصلنا إلى أن الاغتسال هنا إنما هو اغتسال من الجنابة عند الكفار إذا أسلموا، ولولا الجنابة لما كان اغتسال. والواجب هنا هو أن البحث يجب أن يُحصر في البالغين من الكفار وعدم إدخال صبيان الكفار فيه، لأن الاغتسال كما أسلفنا قبل قليل هو تكليف، والصبي الكافر غير مكلَّف، وجميع النصوص الواردة في هذا الاغتسال يجب أن تُحمل على البالغين فحسب، ولا يوجد نصٌّ واحد يطلب من صبي كافر أن يغتسل إذا أسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>