للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- إن الطلب من الكافر إذا أسلم أن يغسل ثوبه يدل على أن الكافر هذا يُطلب منه القيام بكامل التَّطهُّر قبل أداء الصلاة، وكاملُ التَّطهُّرِ يعني الغسل من الجنابة وغسل الثوب والبدن من النجاسة، والوضوء يدخل كما لا يخفي في الغسل وإلا لنُصَّ عليه، وهذا يفيد أن الكافر يجب عليه أن يأتي بمستلزمات الصلاة قبل القيام بها، والطلب منه أن يغسل ثوبه ردٌّ حاسم على من قالوا إن الكافر لا يجب عليه شيء قبل إسلامه مستدلين بحديث «إن الإسلام يَجُبُّ ما كان قبله» إذ لو كان هذا الحديث يُعمل به في هذا الموضوع لما طلب منه أن يغتسل، ولما طلب منه أن يتطهر ولما طلب منه أن يغسل ثوبه، بل إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت عليه الرسالة وأُمر بالتبليغ عن ربه نزل عليه قوله تعالى {وثيابَكَ فطَهِّر} .

لهذه البنود الثلاثة نقول إن الغسل هو غسل الجنابة وإنه لا يسقط عن الكافر إذا أسلم، وحيث أن هذا الغسل هو غسل الجنابة، فإن الأمر الوارد في حديثي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينبغي أن يُحمل على الوجوب. وهكذا يتبين وجه الحق في هذه المسألة.

أما قول القائلين بالاستحباب: إنَّ كثيرين ممن أسلموا من الكفار لم يُرْوَ عنهم أنهم اغتسلوا أو طُلب منهم الاغتسال، وإن ذلك دليل على أن الاغتسال غير واجب وأنه مندوب فحسب، فنرد عليهم بأننا لو سلَّمنا بصحة ما قالوا لكان الاغتسال يتردد بين المندوب والمباح، فمن أين لهم حكم الندب وردُّ الإباحة؟ اللهم إلا أن يستشهدوا بأحاديثنا هذه؟ وهذه الأحاديث واضح فيها أنها تفيد الوجوب، فغسل الكافر إذا أسلم هو غُسل واجب لا شك فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>