أما أن الحائض لا تقرأ القرآن، فقال الترمذي (هو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين ومَن بعدهم مثل: سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجُنُب من القرآن شيئاً إلا طرفَ الآية والحرفَ ونحوَ ذلك ... ) وروى الدارمي في سننه بطريق الرواية عن إبراهيم وسعيد بن جبير وعامر، وعن عمر بن الخطاب وأبي العالية قولهم بمثل قول من ذكرهم الترمذي، أي لا تقرأ الحائض شيئاً من القرآن.
ولسنا نستدل بما رُوي عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يقرأ الجُنُب ولا الحائض شيئاً من القرآن» رواه الترمذي وابن ماجة والدارقطني. لأنه حديث ضعيف لضعف إسماعيل بن عيَّاش إذا روى عن الحجازيين أو العراقيين، وفي هذا الحديث روى عن موسى بن عقبة وهو حجازي، فلا يصلح للاحتجاج. ورواه الدارقطني أيضاً من طريق عبد الملك بن مسلمة وهو ضعيف، ومن طريق جابر وفيه يحيى بن أبي أنيسة وهو ضعيف.
٤- ذكرنا في أحكام الجُنُب أن الذَّكَر إذا أنزل أول مرة انتقل لمرحلة الرجولة ودخل في جماعة المكلَّفين، ونذكر هنا أن الأنثى إذا حاضت حيضتها الأولى انتقلت لمرحلة البلوغ ودخلت في جماعة النساء المكلَّفات، وجرى عليها ما يجري على سائر النساء من أحكام. فقذفُ المنيِّ من الذَّكَر، وحيض الأنثى كلاهما علامة على البلوغ والدخول في مرحلة التكاليف الشرعية، فيحرم على الأنثى عندئذ كشف ما سوى الوجه والكفين لقوله تعالى {ولا يُبدين زينتَهنَّ إلا ما ظهر منها} وقد رُوي بطرق صحيحة عن عمر وابنه عبد الله وعبد الله بن عباس أنهم فسروها بالوجه والكفين.
ويَحْرُم على الحائض - أي من بلغت سن البلوغ - الخَلوة بالرجال الأجانب، لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال «لا يخلُوَنَّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ... » رواه البخاري ومسلم. وغير ذلك من التكاليف والأحكام.