٢- يَحْرُم على الزوج وطءُ زوجته الحائض دون زوجته الجُنُب، وهذا الحكم معلوم من الدين بالضرورة، وهو أمرٌ تنفر منه الطباع السليمة، والدليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى {يَسْأَلونَكَ عن المحيضِ قُل هو أذىً فاعتزلوا النِّساءَ في المَحيضِ ولا تَقْربوهنَّ حتى يَطْهُرن فإِذا تطهَّرنَ فأْتوهنَّ من حيثُ أَمَرَكُمُ الله إِنَّ اللهَ يحبُّ التَّوَّابين ويحبُّ المُتطهِّرين} الآية ٢٢٢ من سورة البقرة. هذه الآية الكريمة تطلب اعتزال النساء في الميحض، أي عدم وطئهن ريثما يَطْهُرن بانقطاع الدم ويتطهَّرن بالغسل، فِإذا تم ذلك حل حينئذ وطؤُهن. وسيأتي بإِذن الله مزيد تفصيل في دلالة هذه الآية بعد قليل. والدليل أيضاً قوله - صلى الله عليه وسلم - «اصنعوا كل شيء إِلا النكاح» وقد مرَّ. ويعني الحديث: دعوا نكاح الحائض وافعلوا بها ما تشاءون من تقبيل وضم وعناق ومباشر، تشهد ذلك الأحاديث التالية:
١- عن عكرمة عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إِذا أراد من الحائض شيئاً أمرها، فألقت على فرجها ثوباً، ثم صنع ما أراد» رواه البيهقي وأبو داود بسند رجاله ثقات.
٢- عن حكيم بن عقال أنَّه قال: سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين « ... ما يحرم عليَّ من امرأتي إذا حاضت؟ قالت: فرجها» رواه البيهقي. ورواه البخاري في تاريخه من طريق مسروق.
٣- عن جُمَيع بن عُمَير قال: دخلت على عائشة مع أُمي وخالتي فسأَلتاها «كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع إِذا حاضت إِحداكن؟ قالت: كان يأمرنا إِذا حاضت إِحدانا أن تتَّزر بإِزار واسع، ثم يلتزم صدرها وثدييها» رواه النَّسائي فهذه الأحاديث تدل على تحريم جماع الحائض في الفرج، وجواز مباشرتها فيما سواه على الإِطلاق، لا فرق بين ما هو فوق السرة وما هو تحتها، ولا ما هو فوق الركبة وما هو تحتها، فللزوج أن يتمتع بجميع جسد زوجته الحائض باستثناء الفرج فحسب.