الحديث الأول يفيد أن دم الحيض أسود، وقوله يُعْرَف بضم فسكون ففتح يعني أن ذلك معروف لدى النساء. والحديث الثاني وإن روي موقوفاً على أم عطية إلا أنَّ له حكم الرفع إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأن قولها «كنا لا نعدُّ» لا يُتصور أن يكون باجتهاد منهن دون علم من الرسول عليه الصلاة والسلام. والحديث ذكر أن الصُّفرة والكدرة بعد الطهر ليستا من الحيض منطوقاً، ومفهومه أنهما من الحيض في أثناء فترة الحيض. وأثر علقمة مفهومه أن ما قبل انقطاع السائل الملون يكون حيضاً، وهذا أعمُّ من السابق، فالأسود والأحمر والأصفر والكَدِر إن كان في أثناء فترة الحيض فهو حيض، وما دامت الأحاديث تذكر أن دم الحيض له هذه الألوان، فإن المرأة ذات العادة المتكررة إن استمر السائل ينزل منها وله لونٌ خلال فترة عادتها اعتبرت ذلك حيضاً وأن أيامه أيام حيض، فإذا زال اللون وصار ما تضعه المرأة في فرجها يخرج أبيض دون لون فإنَّ ذلك يعني أن الحيض انتهى وانتهت فترته، وأن واجبها آنذاك أن تغتسل وتصلي وتصوم.
والمرأة الحائض لا تعدو أن تكون إحدى ثلاث: مُبتدَأة، ومعتادة، وذات تلفيق.
أ- أما المُبتَدَأة - أي المُبْتَدَأُ بها الدم - فلها الحالات التالية:
١- المُبتَدَأُ بها الدم في سنٍّ تحيض النساء لمثله إذا نزل منها دم أسود تدع الصوم والصلاة، وترصد الأيام التي تمضي على ذلك النزول، وتبقى جالسة ما دام الدم ينزل فإن تكرَّر نزول الدم في الشهر التالي كما حصل في الشهر الفائت علمت أن ذلك حيضُها وعادتُها فانتقلت إليه وأخذت الأحكام بموجبه. وانقطاع الدم قد يكون لأسبوعين، وقد يكون لعشرة أيام، وقد يكون لسبعة، أو لثلاثة أو لأقل، فما مضى على نزوله في المرة الأولى إن تكرَّر فهو العادة، وآنئذ تنتقل من حالة المبتدَأة إلى حالة المعتادة.