ولسنا نريد التشدد فنقول إن هذا الحديث يفيد أن الوضوء يكفي لوقتين وفريضتين، لأن الجمع الذي أمرت به حمنة كان جمعاً صورياً، بحيث تصلي الظهر في آخر وقت الظهر وتصلي العصر في أول وقت العصر، وكلُّ ذلك بغسل، أو بوضوء واحد، لسنا نقول هذا القول لأن الجمع الذي أمرت به حمنة ليس مقطوعاً به أنه جمع صُوْرِيٌّ وإنما هو محتمل، فلا يصلح للاستدلال.
فبالوضوء الواحد تصلي المستحاضة صلاة الفريضة وسننها والصلوات المقضَّية وما تشاء من النوافل، وتقرأ القرآن وتمس المصحف ما دام ذلك كله في وقت صلاة فريضة. فإن أذَّن المؤذن لصلاة جديدة فإن وضوءها يبطل، ويلزمها وضوء جديد تفعل فيه ما فعلته في وضوئها السابق، ويتعلق بهذا الوضوء ما سبق وأتينا عليه من وجوب غسل الفرج مما أصابه من دم، ثم تحفُّظها بشكل تجتهد به أن تمنع نزف الدم، فإن نزف بعد بذل الوسع فلا بأس.
٣- الوطء: يجوز لزوج المستحاضة أن يطأها ولو كان الدم ساعة الوطء يسيل، وهو رأي الأئمة الأربعة خلافاً لرأي ابن سيرين والشعبي والنخعي والحاكم وأحمد في رواية عنه، فقد قالوا بالمنع إلا أن يخاف الزوج العنت والوقوع في محذور. وقد استدل مَن قالوا بالتحريم بما رواه الحاكم في كتابه [معرفة علوم الحديث] والخلاَّل بإسناده عن عائشة أنها قالت «المستحاضة لا يغشاها زوجها» وقالوا إن بها أذى فيحرم وطؤها كالحائض، فقد قاسوا المستحاضة على الحائض للعلة المشتركة بينهما وهي الأذى {قل هو أذى فاعتزلوا النِّساءَ في المحيض} وهذا الرأي ظاهر الضعف لأن ما رووه عن عائشة هو قولٌ لصحابية، وقول الصحابي أو الصحابية ليس دليلاً. أما قياسهم المستحاضة على الحائض فلا يصح، لأن واقع الحيض يختلف عن واقع الاستحاضة، فدم الحيض أسود نتن، في حين أن دم الاستحاضة أحمر عادي غير فاسد، فهذا فارق، ثم إن الله حرم على الحائض الصلاة في حين أمر المستحاضة بالصلاة، فهذا فارق ثانٍ، فالقياس لا يصح.