ثم يجب أن تتوضأ بعد دخول الوقت لا قبله، حتى يصح القول أنها تتوضأ لوقت كل صلاة، ولو جاز وضوؤها قبل دخول الوقت لكان هذا الوضوء قد جاز لوقتين وهذا لا يجوز، لأنه يخالف كونه وضوء عذر وضرورة يُقدَّر بقدرهما. وهذا رأي الأحناف وابن قُدامة من الحنابلة، وهو الصحيح. قال ابن حجر في فتح الباري (وعند الحنفية أن الوضوء متعلق بوقت الصلاة فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة وما شاءت من الفوائت ما لم يخرج وقت الحاضرة، وعلى قولهم المراد بقوله «وتوضئي لكل صلاة» أي لوقت كل صلاة) .
والآخرون قالوا بالوضوء لكل صلاةِ فريضةٍ ولكل صلاةٍ مقضية أخذاً بظاهر الحديث، وهذا تشدد في الأخذ بالظاهر، لأنَّا لو أردنا مجاراتهم في قولهم هذا لقلنا لهم كيف أجزتم بوضوء واحد أداءَ صلاة الظهر مثلاً وركعتين قبلها، أو ركعتين بعدها؟ وهذه ثلاث صلوات وليست صلاة واحدة؟ فإن قالوا: دخلت في مسمى واحد هو صلاة الظهر، قلنا: وأين النص في ذلك؟ وما الفرق بين هذه الصلوات الثلاث وصلاة الظهر وقضاء صلاة الفجر في وقت واحد؟ لا هذه فيها نصٌ ولا تلك. فإن توسعتم في فهم النص قلنا: ليكن التوسع بشكل يشمل الصلوات المؤدَّاة في وقت الصلاة الواحدة.
ثم إن حديث حمنة فيه الأمر بالجمع بين الصلاتين، صلاة الظهر وصلاة العصر، وصلاة المغرب وصلاة العشاء، ولم يأمرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بوضوء، واكتفى بطلب الغسل للصلاتين، ولو كان أَمَرَها بالوضوء للصلاة الثانية لنُقِل، فلما لم يحصل دل ذلك على أن الوضوء غير لازم، ودل الحديث على أن الغسل أو الوضوء يقام فيه بصلاتين، وهذا دليل آخر على أن الوضوء يكفي لأكثر من صلاة في الوقت الواحد، وينقض قولهم المذكور.