للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يقول أحدهم: لماذا لا نقول بالمسح المستوعِب؟. فنجيبه بأن المسح لا يستوعب عادة، وإذا أردنا الاستيعاب قمنا بالغسل. والقول بالمسح المستوعِب لا يختلف في جوهره عن القول بالغسل، فلما طُلب الاستيعاب فقد دل ذلك على أن المراد هو الغُسل لا المسح، إذ لو كان المسح هو المطلوب لما حذرنا عليه الصلاة والسلام من ترك قدر درهم أو قدر ظفر. أما حديث أوس - البند الثالث - فهو ضعيف أعلَّه ابن القطان بالجهالة في عطاء راوي الحديث عن أبيه، وأيضاً في إسناده هُشيم عن يعلى، قال أحمد: لم يسمع هُشيم هذا من يعلى مع ما عرف من تدليس هُشيم. وضعَّفه أيضاً ابن عبد البر. وأما حديث عباد الذي رواه الطبراني فقد ضعَّفه ابن عبد البر وشكَّك في صحبة راوي الحديث لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأما حديث ابن عباس البند الخامس «أخذ حفنة من ماء فرشَّ على قدميه وهو متنعل» فهو ليس دليلاً على المسح بقدر ما هو دليل على الغُسل، ولكنه الغُسل الخفيف، لأن المسح لا يكون برشِّ الماء وإنما يكون بالبلل العالق باليد، فالرشُّ دليل على الغُسل وليس على المسح.

وإذا استحضرنا في الذهن أن الوضوء يكفي فيه مُدٌّ من ماء - هذه الكمية القليلة هي ما كان يستهلكها المسلم في وضوئه - ازداد إدراكنا لمعنى أخذ حفنة ماء للرِّجل أو للرِّجلين للغسل، وأيضاً فإنه جاء حديث صريح بأن الرش يكون في الغُسل، هو ما رواه ابن عباس رضي الله عنه من صفة وضوء نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وجاء فيه « ... ثم أخذ غَرْفةً من ماء فرشَّ على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غَرفة أخرى فغسل بها رِجله - يعني اليسرى - ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ» رواه البخاري، وقد مرَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>