للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا علمنا أن أحاديث الغسل جاءت كثيرة وفي أعلى درجات الصحة، وقابلناها مع هذه الأحاديث المُعلَّة والضعيفة أدركنا ضعف الرأي القائل بمسح الأرجل، فإذا نحن أضفنا إجماعَ الصحابة كدليلٍ على فرض الغسل دون المسح ازداد اقتناعنا بصواب ما ذهبنا إليه.

وإذن فالأحاديث لا تسعف أصحاب الرأي هذا، ولذا نرى ناساً منهم يستدلون بالآية بقراءة النصب على دعواهم، فهؤلاء يقولون إن قراءة نصب أرجلكم تكون بعطف أرجلكم على محل {برُؤُوسِكُمْ} أي أن الآية تقول {وامْسَحُوا برُؤُوسِكُمْ} وفعل امسحوا يتعدى إلى مفعول، والمفعول هو (برؤوسكم) أي الجار والمجرور، والجار والمجرور في محل نصب مفعول به لفعل امسحوا، وأرجلكم معطوفة على محل الجار والمجرور فجاءت منصوبة. وقال ناس من هؤلاء إن الباء في (برؤوسكم) زائدة، وإن الأصل امسحوا رؤوسكم، فجاءت أرجلكم بالنصب عطفاً عليها. ولا يخفى أن هؤلاء قد سلكوا طريقاً وعرةً وأن هذه الإعرابات فيها من البعد ما هو أكبر مما يتهمون به إعراب المجاورة. ولو أننا أردنا أن نقف في منتصف الطريق بيننا وبينهم، وقلنا بأن الآية محتملة، وأنها لا تكفي في الاستدلال على أيٍّ من الرأيين لوجب الاحتكام إلى الأحاديث، والأحاديث الصحيحة قاضية عليهم عدا عن إجماع الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>