وكمثال على ذلك أقدِّم لكم مقطعاً من كتاب المغني لابن قُدامة (مسألة: قال: [وأَخْذُ ماء جديد للأذنين ظاهرهما وباطنهما] المستحب أن يأخذ لأذنيه ماء جديداً، قال أحمد: أنا أستحب أن يأخذ لأذنيه ماء جديداً، كان ابن عمر يأخذ لأذنيه ماء جديداً، وبهذا قال مالك والشافعي، وقال ابن المنذر: هذا الذي قالوه غير موجود في الأخبار، وقد روى أبو أُمامة وأبو هريرة وعبد الله بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «الأذنان من الرأس» رواه ابن ماجة، وروى ابن عباس والرُّبيِّع بنت مُعوِّذ والمقدام بن معد يكرب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح برأسه وأذنيه مرة واحدة، رواهن أبو داود، ولنا أن إفرادهما بماء جديد قد رُوي عن ابن عمر، وقد ذهب الزُّهري إلى أنهما من الوجه، وقال الشعبي ما أقبل منهما من الوجه وظاهرهما من الرأس، وقال الشافعي وأبو ثَوْر: ليس من الوجه ولا من الرأس ففي إفرادهما بماء جديد خروج من الخلاف فكان أولى، وإنْ مسحهما بماء الرأس أجزأه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله) . فهذا القول الذي ذكره صاحب المغني عن الشافعي وأحمد وغيرهما صريح في أن ما كان عضواً مستقلاً في الوضوء يُؤخذ له ماء جديد، وهم أصحاب القول بفقد المستعمَل في الوضوء للطُّهورية، فقد ذهبوا إلى أن العضو المستقل يؤخذ له ماء جديد، وهذا دليل واضح على أنهم فهموا من أخذ الماء الجديد ابتداء العمل بعضوٍ جديد مستقل في الوضوء، فعلَّة أخذ الماء الجديد عندهم هي الفصل بين الأعضاء، ثم هم مع ذلك يقولون إن طلب الرسول عليه الصلاة والسلام أخذَ ماءٍ جديد للرأس يدل على منع المستعمل في الوضوء من رفع الحدث؟!.