٣- عن ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن ورَّاد كاتب المغيرة بن شعبة، عن المغيرة ابن شعبة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح أعلى الخف وأسفله» رواه ابن ماجة وأبو داود وأحمد والترمذي والدارقطني.
الحديث الأول حسَّنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، وصححه في التلخيص. والحديث الثاني قال البخاري عنه في كتابه التاريخ (هو بهذا اللفظ أصح من حديث رجاء بن حيوة) أي الحديث الثالث. وعن الحديث الثالث قال الأثرم عن أحمد إنه كان يضعِّفه، وقال نعيم بن حماد: اضربوا على هذا الحديث. وقال أبو داود (وبلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء) فهو إذن منقطع، فالحديث لا يصلح للاحتجاج.
يبقى الحديثان الأول والثاني فحسب، وهذان الحديثان يفيدان المسح على ظاهر الخف، وليس فيهما المسح على باطنه. وممن ذهب إلى ذلك وأن المسح المشروع هو مسح ظاهر الخف دون باطنه أو أسفله: الثوري وأبو حنيفة والأوزاعي وأحمد بن حنبل.
وذهب مالك والشافعي والزهري وابن المبارك إلى مسح الظهور والبطون، ورُوي عن سعد بن أبي وقاص وعمر بن عبد العزيز، إلا أن الشافعي ومالكاً قالا: إن مسح ظهورهما دون بطونهما أجزأه. وقالا: من مسح باطن الخفين دون ظاهرهما لم يُجزئه وكان عليه الإعادة وليس هو بماسح. فيكون مالك والشافعي يحملان رأي أبي حنيفة وأحمد نفسَه، وهو أن المسح المشروع المُجْزيء هو مسح ظاهر الخفين فحسب. والخلاف إنما هو في مسح الباطن، فعند أحمد وأبي حنيفة لا يُمسح، وعند مالك والشافعي يُمسح استحباباً فقط، فالخلاف يسير.
وكما سبق فإن الأحاديث الواردة الصالحة للاحتجاج لا تفيد سوى مسح الظاهر دون الباطن، وأن مسح الباطن لم يرد فيه حديث صحيح يُعتدُّ به. وأما ما روى الشافعي والبيهقي عن ابن عمر أنه كان يمسح أعلى الخف وأسفله فهو فعل صحابي وليس هو بدليل، ولا يصلح إلا عند من يريد تقليد ابن عمر في هذه المسألة والأصل الوقوف عند الأدلة.