للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدم إما أن يخرج من الفرج كدم الاستحاضة، أو من الدبر في حالة المرض بالباسور أو غيره، أو من الفم في حالة مرض السُّل مثلاً، أو من الأنف وهو ما يسمى بالرعاف، أو من سائر أعضاء البدن، فإنَّ هذا الدم الخارج كلَّه ناقض للوضوء. والدليل على ذلك ما روت عائشة رضي الله عنها أنها قالت «جاءت فاطمة بنت أبي حُبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني امرأة أُستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال: لا إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي» رواه مسلم والبخاري وأحمد. ورواه الترمذي وزاد «قال أبو معاوية في حديثه: وقال: توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت» . كما روى الأمر بالوضوء لكل صلاةٍ أحمد والدارمي. وقد سبق إثبات وجوب الوضوء للمستحاضة في بحث [المستحاضة وأحكامها] في [الفصل التاسع] فيراجع هناك.

وهنا نَعرض لخروج الدم من عموم البدن سواء من الفرج أو غيره فنقول: ذهب إلى أن خروج الدم من البدن ناقض للوضوء أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد تلميذاه، وأحمد بن حنبل وإسحق، فيما ذهب مالك والشافعي وسعيد بن المسيِّب ومكحول وربيعة - ورُوي عن ابن عباس وأبي هريرة - إلى أن الدم غير ناقض.

والذي يترجح لدينا هو أن خروج الدم من أي جزء من البدن ناقض للوضوء، بدليل حديث عائشة المذكور. أما وجه الاستدلال به على دعوانا فهو أن الحديث يقول «إنما ذلك عِرق» أي أن دم الاستحاضة هو دم نازف من عِرق، ومع هذا الوصف أمرها الرسول عليه الصلاة والسلام بأمرين: أن تغسل الدم «فاغسلي عنك الدم» وأن تتوضأ «وتوضئي لكل صلاة» . وإذن فإن الدم إن هو خرج من أيِّ عِرقٍ بدليل تنكير (عِرق) فإن الواجب فيه أن يُغسل، والوضوء. أما الغُسل فلأنه نجس، وأما الوضوء فلأنه ناقض.

<<  <  ج: ص:  >  >>