للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الحديثان عند الدارقطني وغيره فرواهما إسماعيل بن عياش، وإسماعيل هذا إذا روى عن الحجازيين ضُعِّفت رواياته، وفي هذين الحديثين نجده يروي عن الحجازيين. ثم إن الشافعي قال عن الرواية الأولى [ليست هذه الرواية بثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -] وذكر البيهقي عن محمد بن يحيى قوله عن هذه الرواية [إن رواية ابن جريج عن أبيه مرسلة غير متصلة] وقد ضَعِّف يحيى بن معين هذا الحديث بطريقيه، فلا يصلح هذا الحديث للاحتجاج.

وأما الحديث الثالث عند الطبراني وابن عدي ففي سنده حسين الاشقر ضعيف، وجعفر بن زياد الأحمر متشيع، فلا يصلح هو الآخر للاحتجاج. على أن مالكاً قد روى عن نافع «أن عبد الله بن عمر كان إذا رعف انصرف فتوضأ، ثم رجع فبنى ولم يتكلم» فهذا الفعل من عبد الله بن عمر يشهد لما ذهبنا إليه.

وما قلناه عن الرعاف نقوله عن دم الجروح، لأن واقعهما واحد وهو خروج الدم من عروق في البدن، ومن ثم فإن حكمهما واحد، وهو نقض الوضوء.

أما ما استدل به أصحاب الرأي الآخر من أن أنس بن مالك روى «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - احتجم، فصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجِمِه» رواه الدارقطني والبيهقي. فأخذوا منه حكم عدم النقض لخروج الدم، فنقول إن هذا الحديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج، قال ابن حجر (في إسناده صالح بن مقاتل وهو ضعيف) وقد ادعى ابن العربي أن الدارقطني صححه وليس كذلك، بل قال عقبه في السنن (صالح بن مقاتل ليس بالقوي) وضعَّفه النووي أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>