٨- عن ميمونة رضي الله عنها «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل عندها كتفاً، ثم صلَّى ولم يتوضأ» رواه البخاري.
في هذه الأحاديث مسألتان أو مسألة ذات شقين هما: الوضوء من أكل لحوم الإبل، والوضوء من أكل ما مسَّته النار. وقد ذكرنا من قبلُ الفريقين المختلفين في الشق الأول، ونذكر الآن الفريقين المختلفين في الشق الثاني.
إن من ذهبوا إلى أن الوضوء من أكل ما مسَّته النار لا يجب، أي أن أكل ما مسَّته النار لا ينقض الوضوء هم الخلفاء الراشدون الأربعة وعبد الله بن مسعود وأبو الدرداء وابن عباس وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وجابر بن سمرة وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة وأبيُّ بن كعب وأبو أمامة والمغيرة بن شعبة وجابر بن عبد الله وعائشة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وابن المبارك وإسحق بن راهُوَيه وأبوثور وسفيان الثوري. قال النووي (إن هذا الخلاف الذي حكيناه كان في الصدر الأول، ثم أجمع العلماء بعد ذلك أنه لا يجب الوضوء من أكل ما مسَّته النار) .
أما من ذهبوا إلى أن أكل ما مسَّته النار ينقض الوضوء فهم عمر بن عبد العزيز وأبو قلابة والحسن البصري والزُّهري، ورواية ثانية عن عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبي موسى وعائشة وزيد بن ثابت وأبي هريرة، وإنما قلت رواية ثانية عن عبد الله بن
عمر ... إلى أبي هريرة، لأن هؤلاء قد روي عنهم القول الأول وذُكروا مع الفريق الأول.