فالوضوء واجب ويحصل الوجوب بغسلته الأولى وما سواها فمستحبة، وأغسال الجنابة والحيض والنفاس واجبة، وبهذه الأغسال الواجبة يفقد الماء المستعمَل فيها طُهوريته. هكذا يُفرِّعون وهكذا يفكِّرون دون أن يأتوا بأي دليل من القرآن أو الحديث. ولا بأس بأن أعرض عليكم صورة لهذه التفريعات لتجدوا فيها الخلافات والآراء المختلفة دون وجود أدلة تدل عليها. قال ابن قُدامة في كتاب المغني ما يلي (وجميع الأحداث سواء فيما ذكرنا - الحدث الأصغر والجنابة والحيض والنفاس، وكذلك المنفصل من غسل الميت إذا قلنا بطهارته، واختلفت الرواية في المنفصل عن غسل الذمية من الحيض، فرُوي أنه مُطهِّر لأنه لم يُزل مانعاً من الصلاة أشبه ماءً تبرَّد به، ورُوي أنه غير مطهِّر لأنها أزالت به المانع من وطء الزوج، أشبه ما لو اغتسلت به مسلمة، فإن اغتسلت به من الجنابة كان مُطهراً وجهاً واحداً، لأنه لم يُزل مانعاً من الصلاة ولا استُعمل في عبادة أشبه ما لو تبرَّد به - ويحتمل أن يُمنع استعماله لأنه استُعمل في الغُسل من الجنابة، أشبه ما لو اغتسلت به مسلمة. [فصل] وإن استعمل في طهارة مستحبة غير واجبة كالتجديد والغسلة الثانية والثالثة في الوضوء والغسل للجمعة والعيدين وغيرهما ففيه روايتان [إحداهما] أنه كالمستعمَل في رفع الحدث لأنها طهارة مشروعة أشبه ما لو اغتسل به من جنابة، [والثانية] لا يمنع لأنه لم يُزِل مانعاً من الصلاة أشبه ما لو تبرَّد به، فإن لم تكن الطهارة مشروعة لم يؤثر استعمال الماء فيها شيئاً وكان كما لو تبرَّد به أو غسل به ثوبه، ولا تختلف الرواية أن ما استُعمل في التَّبرُّد والتنظيف أنه باق على إطلاقه، ولا نعلم فيه خلافاً. [فصل] فأما المستعمل في تعبُّد من غير حدث كغسل اليدين من نوم الليل فإن قلنا ليس ذلك بواجب لم يؤثر استعماله في الماء، وإن قلنا بوجوبه فقال القاضي هو طاهر غير مطهِّر، وذكر أبو الخطاب فيه روايتين [إحداهما] أنه يخرج