٦- عن عمران بن حصين قال «كنا في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ ونودي بالصلاة، فصلى بالناس، فلما انفتل من صلاته إذا هو برجلٍ معتزل لم يُصلِّ مع القوم قال: ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك ... » رواه البخاري وأحمد. ورواه النَّسائي وابن أبي شيبة مختصراً.
وجه الاستدلال بهذه النصوص ظاهر، وأُلفت النظر إلى أن الحديث الأول جاء فيه أن الله سبحانه أنزل آية التيمم. وإنني أثبتُّ آية المائدة وليس آية النساء على أنها هي المقصودة، وأنها هي آية التيمم.
وقد وقع بين المفسرين والفقهاء خلاف في هذه المسألة، فقال ناس إن آية النساء هي آية التيمُّم، وقال آخرون إن آية المائدة هي آية التيمُّم، وتردد آخرون بين الآيتين ولم يقطعوا برأي. والصحيح هو ما أثبته ابنُ حجر من أنها هي آيةُ المائدة، فهو بعد أن ساق حديث عائشة في البخاري عن التيمُّم قال (قال ابن العربي هذه معضلة ما وجدت لدائها من دواء، لأنَّا لا نعلم أيَّ الآيتين عنت عائشة. قال ابن بطال هي آية النساء أو أية المائدة، وقال القرطبي هي آية النساء، وكذلك قال الواحدي هي آية النساء، وقد خَفي على الجميع ما ظهر للبخاري من أن المراد بها آية المائدة بغير تردد، لرواية عمرو بن الحارث إذ صرح فيها بقوله: فنزلت يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة، أخرجها البخاري في التفسير) .
وأزيد على قول ابن حجر ما رواه البخاري من طريق شقيق قال «كنت جالساً مع عبد الله وأبي موسى الأشعري فقال له أبو موسى: لو أن رجلاً أجنب فلم يجد الماء شهراً أمَا كان يتيمَّم ويصلي؟ فكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً