ونلفت النظر إلى أن الجزيرة العربية وهي مهد الإسلام وموطن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته رضوان الله عليهم هي في مجملها أرض رملية، ونزل القرآن الكريم وجاءت السنة النبوية في هذه الجزيرة العربية الرملية، فلم يُنْقَل أنَّ صحابياً واحداً سأل الرسول عليه الصلاة والسلام عن حكم التيمُّم بالرمل، ولم يُنقل في ذلك إلا حديثٌ واحد رواه أحمد وسعيد بن منصور وعبد الرزاق عن أبي هريرة قال «جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني أكون في الرمل أربعة أشهر أو خمسة أشهر فيكون فينا النفساء والحائض والجُنُب فما ترى؟ قال: عليك بالتراب» . ولكنَّ هذا الحديث ضعيف لضعف المثنَّى بن الصباح، قاله ابن معين، وقال الهيثمي (الأكثر على تضعيفه) وقال ابن قيِّم الجوزية (كان ـ أي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ـ يتيمَّم بالأرض التي يصلي عليها، تراباً كانت أو سبخة أو رملاً، وصح عنه أنه قال: حيثما أدركتْ رجلاً من أمتي الصلاةُ فعنده مسجدُه وطَهورُه، وهذا نص صريح في أن من أدركته الصلاة في الرمل فالرمل له طَهور، ولما سافر هو وأصحابه في غزوة تبوك قطعوا تلك الرمال في طريقهم وماؤهم في غاية القلة، ولم يُرو عنه أنه حمل معه التراب ولا أمر به ولا فعله أحد من أصحابه، مع القطع بأن في المفاوز الرِّمالَ أكثر من التراب، وكذلك أرض الحجاز وغيره، ومن تدبَّر هذا قطع بأنه كان يتيمَّم بالرمل، والله أعلم، وهذا قول الجمهور) .