للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق أن هذه الأدلة والحجج لا تصلح لإثبات دعواهم، وأن الاستدلال بها على اشتراط دخول الوقت استدلال بعيد، وليٌّ لها عن ظاهر دلالاتها، وصرفٌ لها إلى غير ما سيقت له. الحديثان الأول والثاني جاء فيهما «أينما أدركتني الصلاة تمسَّحتُ وصليتُ» ، «أينما أدركَتْ رجلاً من أمتي الصلاةُ، فعنده مسجده، وعنده طَهوره» . إنَّ هذين القولين قد صُدِّرا بـ (أين) وأين هنا مكانية وليست زمانية، فلا تفيد توقيتاً ولا تفيد زمناً، ولو أردنا تبسيط القول لقلنا: في أي مكان أدركتني الصلاة فيه تيمَّمت، فهذا القول يفهم منه التيمُّم في أي مكان للصلاة. هكذا يجب فهم النصين أو الحديثين الأولين، فهما قد سيقا لبيان كون التيمُّم للصلاة يقع في أي مكان من الأرض، ولم يأتيا إطلاقاً لبيان توقيت التيمُّم فضلاً عن أن يأتيا لبيان توقيت التيمُّم بدخول الوقت، فهذا التقييد لا يحتمله النصان، وهو اجتهاد غير صحيح لا يستند إلى قواعد اللغة. ثم إن الحديثين قد صُدِّرا بـ «جُعلت لي الأرض مساجد وطَهوراً» و «جُعلت الأرض كلُّها لي ولأُمتي مسجداً وطَهوراً» وهذا يعني أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أراد بيان أن الأرض كلها مكان صالح للصلاة والتيمُّم، وحتى يركِّز هذا المعنى أتى ببيان هو: إذا كنتم في أية بقعة من هذه الأرض أمكنكم أن تُصلُّوا فيها وتتيمَّموا. فأواخر النصَّين سيقت لتثبيت أوائلها وتوكيدها ولم تأت لشيء آخر. هكذا يجب فهم هذين الحديثين، وهكذا نجد أنهما لا يفيدان زمانيَّة التيمُّم وتوقيته فضلاً عن توقيته بدخول الوقت.

<<  <  ج: ص:  >  >>