للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الحديث الثالث فهو وإن جاء بلفظ مغاير قليلاً إلا أنه يفيد المعنى نفسه الذي يفيده الحديثان الأولان، فبعد أن صُدِّر بما صُدِّر به الحديثان الأولان «جُعلت لي الأرض طيِّبةً طَهوراً ومسجداً» قال «فأيُما رجلٍ أدركته الصلاة صلى حيث كان» انظروا إلى لفظة (حيث) فهي ظرفية مكانية، أي هي مماثلة لـ (أينما) في الحديثين الأولين، فيكون معنى الحديث هو: إن الله جعل الأرض صالحة لتكون مسجداً وتكون طَهوراً، وكل رجل أدركته صلاته صلى على هذه الأرض حيثما كان. فالحديث يتحدث عن الأرض وصلاحها للصلاة وللتيمُّم، ولم يُؤت به لتوقيت تيمُّمٍ وزمانِه قطعاً. فالأحاديث الثلاثة لا تصلح لتحديد زمان التيمُّم وتوقيته، والشبهة التي عندهم آتية من الفعل (أدرك) الوارد في الأحاديث الثلاثة، فقالوا إن التيمُّم يحصل حين إدراك الصلاة ولا يكون إدراكٌ دون دخول الوقت، فإذا دخل الوقت بدأ التيمُّم. هكذا منطقوا الحديث بمقدِّمات ونتائج لم تكن صحيحة بلا شك، ولو هم وسَّعوا مجال النظر لما وقعوا فيما وقعوا فيه من خطأ الاستدلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>