أما استنباطهم التوقيت من آية التيمم فهو أيضاً استنباط غير صحيح. فالآية تفسَّر بأن المسلم لا يصلي إلا إذا كان على وضوء، فجاءت بصياغة تفيد أنه إذا أردتم الصلاة فتوضأوا، ومفهومها إذا لم تكونوا على وضوء فلا تصلوا حتى تتوضأوا. وبمعنى آخر إذا كنتم على وضوء فصلُّوا. فالآية سِيقت لبيان الوضوء وأنه شرط لصحة الصلاة، ولم تأت لبيان أن يتوضأ المسلم لكل صلاة، أو أن يتوضأ لدخول وقت كل صلاة. وهذا القول ينسحب على التيمُّم الوارد في آخر الآية، فالآية أرادت أن تبين حكم التيمُّم للصلاة، ولم تأت لطلب التيمُّم لدخول الوقت مطلقاً. بل أكثر من ذلك لم يرد في آخر الآية ذِكْرُ الصلاة فضلاً عن ذِكْرِ دخول الوقت، وإن الآية لم تأت إلا لبيان أنَّ مَن كان مريضاً أو مسافراً، أو أحدث بغائط حَدَثاً أصغر، أو أحدث بالجماع حَدَثاً أكبر فلم يجد الماء تيمَّم. هكذا تُفهم الآية، وهذا ما يحتمله النص، وصرفُ هذا النص إلى بيان حكم التيمُّم لدخول وقت الصلاة هو تحميلٌ للنص أكثر مما يحتمل. ولا أطيل أكثر من ذلك، فالأمر واضح، فالآية لا تُثْبِتُ دعواهم.
أما قولهم في البند الخامس فهو ليس دليلاً ولا يصمد أمام النقد، وإني لأتساءل: من أين لكم القول بعدم ضرورة التيمُّم قبل دخول الوقت؟ هل التيمُّم عندكم لا يكون إلا للصلاة فحسب؟ ألا يلزم التيمُّم لمسِّ المصحف؟ ألا يلزم للطواف حول الكعبة؟ بل ألا
يُشرع التيمُّم للمسلم الذي يحبَّ أن يكون دائماً على طهارة؟ أما قرأتم الحديث الذي فيه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تيمَّم ليردَّ على مسلم السَّلام؟ فلماذا قصرتم التيمُّم على الصلاة هنا فأوجبتم التيمُّم حين دخول الوقت؟ لا شك في أنه نوع من التحكُّم والتَّعَسُّف.