فذهب أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد إلى أن من صلى بالتيمُّم ثم وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة لا تجب عليه الإعادة، وخالفهم طاووس وعطاء والقاسم بن محمد ابن أبي بكر ومكحول وابن سيرين والزُّهري وربيعة فقالوا إنها تجب مع بقاء الوقت. وذهب جمهور الفقهاء والأئمة إلى أن المتيمِّم إذا وجد الماء قبل الصلاة وجب عليه الوضوء ولا تصح صلاته بالتيمُّم. وخالفهم داود وسلمة بن عبد الرحمن فذهبا إلى عدم الوجوب. وذهب أبو حنيفة والأوزاعي والثوري إلى أن المتيمِّم إذا وجد الماء بعد الدخول في الصلاة قبل الفراغ منها وجب عليه الخروج منها وإعادتها، وخالفهم مالك وداود فقالا لا يجب عليه الخروج بل يحرم، والصلاة صحيحة.
والصحيح هو أن وجدان الماء ناقضٌ للتيمُّم. والمعلوم أن الناقض متى وجد نَقَض، لا فرق في ذلك بين كونه وُجِد قبل دخول الوقت أو بعده، ولا فرق بين كونه وُجد قبل الصلاة أو في أثنائها أو بعدها، فكل هذه الحالات حكمها واحد، والتفريق تكلُّفٌ لا دليل عليه. وعليه فإن من صلى بالتيمُّم ثم وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة فصلاته صحيحه ولا إعادة عليه، وأن المتيمِّم إن وجد الماء قبل الصلاة بطل تيمُّمه ووجب عليه الوضوء للصلاة، وصلاته دون وضوء باطلة، وأن المتيمِّم إذا وجد الماء بعد الدخول في الصلاة قبل الفراغ منها وجب عليه الخروج منها وإعادتها. وهذا كله مبني على أن التيمُّم كالوضوء ناقضه كناقضه سواء بسواء، والتفريق بينهما في النواقض تفريق لا دليل عليه، وغاية ما يتمسك به الذاهبون إليه شُبُهات وتأويلات ودلالات بعيدة لا تصمد أمام النقاش.