فمثلاً قال عطاء والقاسم ومكحول وابن سيرين والزُّهري وربيعة وطاووس: تجب الإعادة مع بقاء الوقت، لتوجُّه الخطاب مع بقائه، لقوله تعالى {أَقِم الصَّلاةَ} مع قوله تعالى {إذَا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ} فشرط في صحتها الوضوء، وقد أمكن في وقتها، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - «فإذا وجد الماء فلْيتق الله ولْيُمِسَّه بَشَره» . وقال داود ومالك: لا يجب الانصراف من الصلاة بل يحرم. مستدلين بقوله تعالى {ولا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} وقالا: ما دامت الصلاة قد افتتحت افتتاحاً صحيحاً فلا يجوز نقضها والانصراف منها. وقال داود: إن المتيمِّم إذا وجد الماء قبل الصلاة لم يجب عليه الوضوء لقوله تعالى {ولا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} . وتردد الشوكاني في هذه المسألة، وعلَّق على الحديث الذي جاء بلفظ «فإذا وجد الماء فلْيُمِسَّه بشرته فإن ذلك خير» علَّق عليه بقوله (يُشكِل عليَّ الاستدلال بهذا الحديث قوله ـ فإن ذلك خير ـ فإنه يدلُّ على عدم الوجوب المدَّعى) . هذه أقوالهم وهذه شبهاتهم.
وقد ورد في هذا الموضوع من النصوص ما يلي:
١- عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال «خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمَّما صعيداً طيباً فصلَّيا، ثم وجدا الماء في الوقت ـ فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يُعِد الآخر، ثم أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرا ذلك له فقال للذي لم يُعِد: أصبت السُّنَّة وأجزأتك صلاتُك، وقال للذي توضأ وأعاد: لك الأجْرُ مرتين» رواه أبو داود والدارمي والحاكم والدارقطني. ورواه النَّسائي بلفظ «.. فقال للذي لم يُعِد: أصبت السُّنَّة وأجزأتك صلاتُك، وقال للآخر: أما أنت فلك مثل سَهْمِ جَمْع» قوله سَهم جمع: يعني جَمَعَ أجرَ الصلاتين.