أما تارك الصلاة فهو إما أن يكون تَرَكها كسلاً وتهاوناً، وإما أن يكون تركها إنْكَاراً لوجوبها وجحوداً لها، فأَما إن هو تركهاً كسلاً وتهاوناً فهو فاسق عاصٍ يُعاقَب على فعله تعزيراً بعقوبةٍ يراها الحاكم والقاضي زاجرة، وأَما إنْ هو تركها جحوداً وإنكاراً فهو كافر مرتد عن دين الله سبحانه، وهذا يُستتابُ ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل، فعن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه قال «خمس صلوات افترضهن الله على عباده، فمن لقيه بهن لم يضيِّع منهن شيئاً لقيه وله عنده عهد يُدخِله به الجنة، ومن لقيه وقد انتقص منهن شيئاً استخفافاً بحقهنَّ لقيه ولا عهد له، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له» رواه أحمد وابن ماجة. ورواه أبو داود بلفظ «خمسُ صلوات افترضهن الله تعالى، مَن أحسن وضوءَهنَّ وصلاَّهنَّ لوقتهنَّ وأتمَّ ركوعهنَّ وخشوعهنَّ كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه» فلو كان ترك الصلاة كفراً كما يقول بذلك عدد من الأئمة لما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن شاء غفر له» لمن يترك الصلاة بالانتقاص منها كما يفيد النص الأول، وبعدم الفعل لها كما يفيد النص الثاني، فالانتقاص ترك لقسم منها، وعدم الفعل ترك لها كلها، وهذا وذاك يبقيان تحت رحمة الله ومشيئته بالمغفرة، فإذا علمنا أن الله سبحانه لا يغفر للكافر ولا يغفر للمشرك ولا يغفر للمرتد عن دينه، وأن ذلك معلوم من الدين بالضرورة، وأن في القرآن دليل ذلك - فالله سبحانه يقول {إن الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلك لِمْنْ يَشَاءُ ومَنْ يُشْرِكْ باللهِ فَقَد افْتَرَى إثْمَاً عَظِيْمَاً} الآية ٤٨ من سورة النساء، ويقول عزَّ وجلَّ {إنَّ الذين كَفَرُوا وصَدُّوا عَنْ سَبِيْلِ الله ثُمَّ مَاتُوا وهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ الله لهم} الآية ٣٤ من سورة محمد، ويقول سبحانه { ... ومَنْ يَرْتَدِدْ