أما لماذا جعلنا الجلوس على ظهر الدابة كالجلوس على الكرسي وأعطيناهما حكماً واحداً غير ما مرَّ، فالجواب عليه ما رواه معاذ بن أنس، وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه ذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «اركبوا هذه الدواب سالمةً وابتدعوها سالمةً، ولا تتخذوها كراسي» رواه أحمد والدارمي والطبراني والحاكم وأبو يعلى. وفي رواية أخرى لأحمد بلفظ «إركبوها سالمة ودعوها سالمة، ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق ... » فقد ذكر لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ركوب الدابة هو اتخاذها كرسياً، وأن الجلوس على ظهور الدواب هو جلوس على الكراسي، وبذلك يكون قد ثبت لنا واقعياً وشرعياً أن ركوب الدواب والجلوس على الكراسي فعل واحد، وبالتالي يكون قد ثبت لنا أن ما ينطبق على أحدهما ينطبق على الآخر دون أي فارق، وأن حكم أحدهما هو حكم الآخر تماماً.
والخلاصة هي أن الصلاة على الكرسي جائزة ومشروعة فقط في صلاة التطوع، وغير جائزة وغير مشروعة في صلاة الفريضة، وهذا الحكم عامٌّ ينطبق على السليم كما ينطبق على المريض، فكما أن السليم يصلي الفريضة على الأرض فإن المريض يتوجب عليه هو الآخر أن يصلي الفريضة على الأرض.
ونقف هنا وقفة عند صلاة المريض فنقول: إن الأصل في المريض أن يمكِّن جبهتَه من الأرض في سجوده، سواء كان يصلي واقفاً كالسليم أو جالساً إن كان لا يقوى على الوقوف، إلا أنْ لا يتمكن هذا المريض من السجود على الأرض فيومئ عندئذٍ إيماءً، وهذا الموضوع تجدونه مفصَّلاً في بحث [صلاة المريض] في [الفصل العاشر] فلا نعيد.