للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- قولهم في حديث ولوغ الكلب إن الأمر بغسل الإناء سبعاً معها التراب هو أمرٌ تعبُّدي وليس بسبب النجاسة، هذا القول أراه خطأ. نعم ربما قبلنا رأيهم هذا لو كان الحديث الشريف يطلب الغسل فقط، أما وأن الحديث وردت في رواية له عبارة (فَلْيُرِقْه) مضافةً إلى الأمر بالغسل، فإننا لذلك لا نستطيع قبول رأيهم هذا، وهذه العبارة وردت في الحديث الذي رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فلْيُرِقْه، ثم ليغسله سبع مِرارٍ» رواه مسلم والنَّسائي. فهذا الأمر بالإراقة ينفي الناحية التعبُّديَّة وأنا لا أعلم أحداً يقول إن الأمر بالإراقة هو أيضاً تعبُّديٌّ. وحيث أن الحديث يأمر بإراقة الشراب أو الطعام الذي يلغ فيه الكلب، ثم بغسل الإناء سبعاً مع التراب، وحيث أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يأمر بإتلاف مال حلال طاهر، ولا يأمر بإراقة ما يلغ فيه الكلب إلا لأنه لم يعد حلالاً ولم يعد طاهراً يحل أكله أو شربه، فإن ذلك يدل على نجاسة سُؤر الكلب.

أما استشهادهم على طهارة سُؤر الكلب بالآية {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} الآية ٤ من سورة المائدة. وبما رُوي عن أبي ثعلبة الخُشني قال «قلت: يا رسول الله إني أصيد بكلبي المُعلَّم وبكلبي الذي ليس بمُعلَّم، قال: ما صدت بكلبك المُعلَّم فاذكر اسم الله وكل، وما أَصَّدْتَ بكلبك الذي ليس بمُعلَّم فأدركت ذكاتَه فكل» رواه أبو داود. ورواه البخاري وابن ماجة وأحمد باختلاف في الألفاظ، قائلين: لم يُذكر غُسل لا في الآية ولا في الحديث، ولم يفرَّق بين كلب الصيد المُعلَّم وغير المُعلَّم، فهذا دليل على طهارة الكلاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>