يقطع الصلاة مرور المرأة الحائض - أي مَن بلغت المحيض - والكلب الأسود، والحمار، بين يدي المصلي إن لم يكن قد اتخذ سُترة له، أو اتخذ سُترة وكان المرور بينه وبين سُترته. وإنما قلنا المرأة الحائض تمييزاً لها عن الصغيرة دون البلوغ، لأن الصغيرة لا تقطع الصلاة بحال، ولا نعني بالحائض مَن كانت في حالة الحيض في أثناء المرور كما توهَّم بعض الفقهاء. وقلنا إن الكلب الأسود يقطع الصلاة تمييزاً له عن الكلاب ذوات الألوان الأخرى، فالكلب الأبيض والكلب الأحمر والكلب الأصفر لا تقطع الصلاة. وأما الحمار فيقطع الصلاة عموماً، ذكراً كان أو أنثى، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخِرة الرَّحْل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخِرةِ الرَّحْل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود، قلت: يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سألتني فقال: الكلب الأسود شيطان» رواه مسلم. ورواه أحمد وأبو داود والبيهقي وابن حِبَّان باختلاف في الألفاظ. قوله آخِرَةِ الرحل - وفي بعض الروايات مؤخرة الرحل - يعني العود الذي يكون في آخر السرج الذي يوضع على ظهر الجمل من أجل الركوب يستند إليه الراكب، وقد مرَّ قبل قليل. وقوله إن الكلب الأسود شيطان لا يعني أنه من الجن، وإنما يعني أنه يتصف بالشر كما يتصف الشيطان بالشر، وقد ورد في الحديث ذكرُ الشيطان وصفاً لمرتكب الشرور، دون أن يعنيَ ذلك أنه من الشياطين على الحقيقة، فعن أبي سعيد الخدري قال «بينا نحن نسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعَرْج إذ عَرَضَ شاعرٌ ينْشد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذوا الشيطان، أو أمسكوا الشيطان، لأَن يمْتَلِئَ جوفُ رجلٍ قيحاً خيرٌ لهُ من أن يمْتَلِئَ شِعراً» رواه مسلم وأحمد.