للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن قولي بالإسرار بالبسملة في الصلاة لا يعني أنني من أصحاب القول بأن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من سور القرآن، ذلك أنني كما قلت سابقاً قد فَصَلتُ بين المسألة والأخرى من المسائل الثلاث، فالقول بالجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية لا يجب أن يُحمل على أن ذلك يعني اعتبار البسملة من الفاتحة، والقول بالإسرار لا يعني أن البسملة ليست من الفاتحة، فالجهر والإسرار أمران مختلفان عن القول بأن البسملة آية من الفاتحة أو أنها ليست آية منها، ولا يصلح إثبات الجهر أو إثبات الإسرار على إلحاق البسملة بالفاتحة أو إخراجها منها.

وقد انقسم أصحاب القراءات قسمين: قسم يقول بإثبات البسملة كآية من الفاتحة ومن السور الأخرى باستثناء سورة براءة منهم: ابن كثير وقالون وعاصم والكسائي، وقسم يقول بحذفها عند قراءة القرآن حين وصْلِ السور منهم: أبو عمرو وحمزة ووَرْش وابن عامر. وانقسم الأئمة الأربعة أيضاً قسمين: القسم الأكثر يقول بالإسرار بالبسملة وهم: أبو حنيفة ومالك وأحمد، والقسم الأقل يقول بالجهر وهو الشافعي وحده. وانفرد أهل الظاهر وهم داود وجماعته بالقول إن البسملة آية تشكل بمفردها سورة مستقلة من القرآن ليست تابعة لأية سورة أخرى، وهو ظاهر الخطأ.

وانقسم الفقهاء حيال قراءة البسملة ثلاثة أقسام: قسم يقول بوجوب قراءتها لأنها من الفاتحة، وقسم يقول باستحباب قراءتها، وقسم ثالث يقول بكراهة قراءتها وأن ذلك بدعة، وهو ظاهر الخطأ. وأنا أقول بوجوب قراءتها، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته كانوا يقرأونها في صلاتهم، ولم يُعرف أنهم تركوا قراءتها مطلقاً، وإنْ هم كانوا يقرأونها في السِّر، فالقراءة بها سراً لا يعني عدم الوجوب، بل لا بد من قراءة البسملة عند قراءة الفاتحة، وتكون القراءة سراً لا جهراً ندباً واستحباباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>