ماجة والنَّسائي وصححه مسلم. فالنهي محصور في حالة قراءة الإمام لا غير، وهو هو المعنى نفسه الذي أراده الله سبحانه بقوله تعالى {وإذَا قُرِئ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُوْنَ} الآية ٢٠٤ من سورة الأعراف. فقد فسرها جمهرة المفسرين من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالامتناع عن القراءة خلف الإمام في أثناء قراءته في الصلاة الجهرية، فالمخالجة والمنازعة هما علة النهي، وهي التي جاءت فيما رواه عبد الله رضي الله عنه قال «كانوا يقرأون خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: خلطتم عليَّ القرآن» رواه أحمد. فالعلة للنهي إذن هي خلط القرآن على الإمام، وحيث أنَّ هذه العلة تنتفي في الصلاة السرية فإنَّ المأمومين يجب عليهم أن يقرأوا الفاتحة. وحيث أن هذه العلة تنتفي أيضاً عندما يسكت الإمام في الصلاة الجهرية فإنَّ المأمومين يقرأونها آنذاك خلفه، فالحكم مداره على العلة كما هو معلوم، فلا يصلح الحديث الثاني ولا الحديث الثالث للاستدلال على جواز ترك الفاتحة في الصلاة مطلقاً.
ثالثاً: أما بخصوص الشبهة الثالثة وهي الاستدلال بما جاء في حديث المسئ صلاته من قول الرسول عليه الصلاة والسلام «ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن» فالرد عليها من وجوه:
أ- قوله (ما تيسَّر من القرآن) عام يشمل الفاتحة كما يشمل غيرها، والعام يبقى عاماً إلا إن ورد دليل التخصيص، وقد ورد دليل التخصيص لهذا العام بالأمر بقراءة الفاتحة في أحاديث صحيحة عديدة، فيتعين الأخذ بها والمصير إليها، وحمل العام على الخاص.