للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً عندنا حديث ذي اليدين وهو من الأحاديث الصحيحة المشهورة، وهذا الحديث رواه مسلم وأبو داود وابن حِبَّان وابن ماجة من طريق أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه مسلم وأحمد وأبو داود وابن ماجة من طريق عمران بن الحصين، ورواه ابن ماجة من طريق ابن عمر، ورواه مسلم والترمذي من طريق أبي هريرة بلفظ غير ما سبق، ونكتفي بإيراد الرواية الأخيرة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر، فسلَّم في ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: أقُصِرت الصلاةُ يا رسول الله أم نسيتَ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كل ذلك لم يكن، فقال: قد كان بعضُ ذلك يا رسول الله، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس فقال: أصدق ذو اليدين؟ فقالوا: نعم يا رسول الله، فأتمَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بقي من الصلاة، ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم» رواه مسلم والترمذي. فهنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تكلم بعد التسليم من ركعتين لصلاة العصر، وتكلم المسلمون، ثم قام بعدئذٍ بإِتمام ما بقي من صلاته واصلاً الركعتين الأُوليين بركعتين أُخريين، ولم نره يستأنف صلاته معلناً بطلانها. ولمن شاء أن يقول إنه تكلم ناسياً، ولمن شاء أن يقول إنه تكلم جاهلاً نقول: إنه لو كان الكلام من مبطلات الصلاة لعلَّمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصحابته بدرس عمليٍّ فأعاد الصلاة بهم، فلما رأيناه لم يفعل ذلك، وإنما بنى على ما صلى وأتم صلاته، فقد دل ذلك دلالة بالغة الوضوح على أن الكلام ليس من مبطلات الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>