يُندب للمصلي إذا خرج من صلاته بالتسليم أن يلبث فترة في مُصلاه لما في هذا اللبث من ثواب، ولا ينقطع ثوابه إلا أن يقوم من مقامه أو ينتقض وضوؤه، وذلك لما رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «إذا صلى أحدكم، ثم جلس مجلسه الذي صلى فيه لم تَزَل الملائكة تصلي عليه: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، ما لم يُحْدِث» رواه ابن خُزَيمة والبخاري. وفي رواية أخرى لابن خُزَيمة «ما لم يُحْدِث أو يقوم» . ولما روى أبو عبد الرحمن واسمه عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «إن العبد إذا جلس في مصلاه بعد الصلاة صلَّت عليه الملائكة، وصلاتهم عليه: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، وإن جلس ينتظر الصلاة صلت عليه الملائكة، وصلاتهم عليه: اللهم اغفر له اللهم ارحمه» رواه أحمد. وكفى باستجلاب دعوات ملائكة الله سبحانه بالمغفرة والرحمة فضلاً وخيراً، فلْيُكْثِر المسلم من هذه الدعوات بالإكثار من المكث. ويزداد المكث استحباباً إن كان عقب صلاة الفجر. والمدة المثلى للمكث أن يلبث المصلي في مصلاه إلى أن تطلع الشمس وترتفع قليلاً، فقد سُئل جابر بن سمرة «كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع إذا صلى الصبح؟ قال: كان يقعد في مصلاه إذا صلى الصبح حتى تطلع الشمس» رواه ابن خُزَيمة. ورواه مسلم ولفظه «كان لا يقوم من مُصلاَّهُ الذي صلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس قام» . وفي رواية أخرى لمسلم من طريق جابر بن سمرة رضي الله عنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حَسَناً» . قوله حَسَناً: أي طلوعاً حَسَناً، أي تطلع وترتفع.