للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- إن الشرع فرض فروضاً وجعل أداءها واجباً لا بد منه، وجعل الفروض أعلى من المندوبات، فإنْ أمر الشرع بفرضٍ من هذه الفروض، ثم رأيناه يَقْبل بأداء فعلٍ آخر بدله دل ذلك على أن الفعل الآخر هذا فرضٌ هو الآخر، وإلا لما أغنى عن الفرض الأول، لأن المندوب دون الفرض منزلةً، ولا يَحِلُّ المندوب محلَّ الفرض ولا يسدُّ مسدَّه، فلا يسد مسدَّ الفرض إلا فرضٌ مثله، وهذه القاعدة يسهل فهمها وقبولها. وقد فرض الشرع صلاة الظهر، ثم رأيناه يأمر بأداء صلاة الجمعة في يوم الجمعة بدل صلاة الظهر، ففهمنا من ذلك أن صلاة الجمعة فرض، وإلا لما سدَّت مسدَّ صلاة الظهر المفروضة، ثم رأينا الشرع يأمر بأداء صلاة العيدين في يوم الجمعة لتُبطِلَ صلاةُ العيدين فرض صلاة الجمعة في يوم الجمعة، بمعنى أن من صلَّى صلاة العيدين في يوم جمعة فقد سقط عنه فرض الجمعة، ألا يُفهم من هذا أن صلاة العيدين لولا أنها مفروضة لما حلَّت محل صلاة الجمعة، ولما أسقطت فرض صلاة الجمعة؟ وهل تُسقط صلاةٌ مندوبةٌ فرضَ صلاةٍ مفروضةٍ؟ عن وهب بن كيسان قال «شهدت ابن الزبير بمكة وهو أمير، فوافق يومُ فطر أو أضحى يومَ الجمعة، فأخَّر الخروج حتى ارتفع النهار، فخرج وصعد المنبر فخطب وأطال، ثم صلى ركعتين ولم يصلِّ الجمعة، فعاب عليه ناسٌ من بني أمية بن عبد شمس، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: أصاب ابن الزبير السُّنة، وبلغ ابن الزبير فقال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا» رواه ابن خُزيمة والنَّسائي. ورواه أبو داود دون قوله في آخر الحديث (وبلغ ابن الزبير ... ) . وعن إياس بن أبي رملة الشامي قال «سمعت رجلاً سأل زيد بن أرقم: هل شهدتَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيدين في يوم؟ قال: نعم، قال: فكيف كان يصنع؟ قال: صلى العيد ثم رخَّص في الجمعة، ثم قال: من شاء أن يصلي فليصلِّ» رواه ابن ماجة وأبو داود وأحمد. وعن ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله -

<<  <  ج: ص:  >  >>