ويجوز للمقيم في المصر أن يسافر في يوم الجمعة قبل حلول وقت صلاة الجمعة، أما في وقت الصلاة فلا يحل له السفر، لأن صلاة الجمعة تكون قد وجبت عليه فلا يحل له تركها، فعن طارق بن شهاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «الجمعة حقٌ واجبٌ على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض» رواه أبو داود مرسلاً ووصله الحاكم. فقد رواه عنده طارق بن شهاب عن أبي موسى رضي الله عنه، فالحديث صحيح. وروى عبد الرزاق في مصنفه عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ليس على المسافر جمعة» . وهو مرسَل صحابي، ومراسيل الصحابة صالحة للاحتجاج، لأن جميع الصحابة عدول. ومثله الحديث المرسَل الذي رواه ابن أبي شيبة وأبو داود عن ابن أبي ذئب قال «رأيت ابن شهاب - الزُّهري - يريد أن يسافر يوم الجمعة ضَحْوَةً، فقلت له: تسافر يوم الجمعة؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سافر يوم الجمعة» . وروى الشافعي في مسنده «أن عمر بن الخطاب أبصر رجلاً على هيئة السفر، فسمعه يقول: لولا أن اليوم يوم جمعة لخرجتُ، فقال عمر: أُخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر» . وهذا الأثر وإن كان قولاً لعمر إلا أنه يبعد أن يقوله عمر من عند نفسه، وعلى أية حال فإن قول الصحابي حكم شرعي يصح أخذه والعمل به. وعن أبي مليح بن أسامة عن أبيه قال «أصاب الناس في يوم جمعة، يعني مطراً، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصلاة اليوم أو الجمعة اليوم في الرِّحال» رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي والبيهقي. قوله في الرِّحال: أي في البيوت والمساكن. وقد جاءت روايات تذكر البيوت نصاً، فعن عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين قال «قال ابن عباس لمؤذِّنه في يوم مطير: إذا قلتَ أشهد أن محمداً رسول الله فلا تقل حيَّ على الصلاة، قل صلوا في بيوتكم، فكأنَّ الناس استنكروا، قال: فعله من هو خير مني، إن الجمعة عزمة، وإني كرهت أن أُحرجكم فتمشون في