فمذهب أبي عبد الله أن القصر لا يجوز في أقل من ستةَ عشرَ فرسخاً، والفرسخ ثلاثة أميال، فيكون ثمانية وأربعين ميلاً، قال القاضي: والميل اثنا عشر ألف قدمٍ، وذلك مسيرة يومين قاصدين، وقد قدره ابن عباس فقال: من عُسْفان إلى مكة، ومن الطائف إلى مكة، ومن جدة إلى مكة ... ، فعلى هذا تكون مسافة القصر يومين قاصدين، وهذا قول ابن عباس وابن عمر، وإليه ذهب مالك والليث والشافعي وإسحق] وأضاف ابن قُدامة إلى ما سبق ما يلي [وروي عن ابن عمر أنه يقصر في مسيرة عشرة فراسخ، قال ابن المنذر: ثبت أن ابن عمر كان يقصر إلى أرضٍ له وهي ثلاثون ميلاً، وروي نحو ذلك عن ابن عباس، فإنه قال: يقصر في اليوم ولا يقصر فيما دونه، وإليه ذهب الأوزاعي، وقال عامة العلماء: يقولون مسيرة يومٍ تامٍّ، وبه نأخذ ... ] فالمسافر في رأي أحمد بن حنبل يحتاج لأن يقطع مسافةَ ثمانيةٍ وأربعين ميلاً حتى يجوز له القصر، وهي تعادل ٨٨.٧ كيلو متراً، وهو رأي مالك. إلا أن ابن قُدامة لم يلتزم برأي إمامه وإنما أخذ بقول عامة العلماء بتقدير المسافة بمسيرة يومٍ تامِّ، وهي تعادل أربعةً وعشرين ميلاً، أي ٤٤.٣٥ كيلو متراً فقط، دون أن يذكر من هم هؤلاء العلماء.