للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا في أول هذا البحث إن الجمع بين الصلاتين هو حالة استثنائية وقلنا إن هذه الحالة شُرعت عند وجود عذر من الأعذار، والأعذار المبيحة للجمع هي السفر والمطر والخوف والمرض والهرم وأمثالها مما يشكل عدم الجمع مع وجودها حرجاً ومشقة، والشرع قد رفع الحرج عن المسلمين، فإذا وُجد عذر من هذه الأعذار جاز الجمع بين الصلاتين، أي جاز أن تُجمع صلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء جمع تقديم أو جمع تأخير، فتُصَلَّى الصلاتان في وقت إحداهما، سواء كان الوقت وقت أُولاهما أو كان وقت أُخراهما، فكلا الأمرين جائز، فعن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الظهر والعصر في سفره إلى تبوك» رواه مالك. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عجل به السير يجمع بين المغرب والعشاء» رواه مالك ومسلم والبخاري. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاتين في السفر» رواه البزَّار وأبو يعلى والطبراني. وروى البزَّار مثله من طريق أبي سعيد رضي الله عنه، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال «جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، قال فقلت: ما حمله على ذلك؟ قال فقال: أراد أن لا يُحرج أمته» رواه مسلم وأحمد. وقد مرَّ حديث ابن عباس رضي الله عنه بطرقه المتعددة وفيه «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوف ولا سفر» . «جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر» . يريد ابن عباس من ذلك أن يبين أن الخوف والمطر والسفر أعذار للجمع، وقد نفى وجودها آنذاك عند جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فلولا أن هذه أعذار لما ذكرها في هذا الحديث، ثم إن هذه الأعذار تدخل تحت

<<  <  ج: ص:  >  >>