الحرج والمشقة، والحديث يقول «أراد أن لا يُحرج أحداً من أمته» . ويدخل الهرم في هذا الباب أيضاً، كما يدخل فيه كل ما يسبِّب حرجاً للمصلي إنْ هو صلى بدون جمع: كالريح الباردة الشديدة والوحل والزَّلَق في طريق المسجد وأمثالها، وكذلك رُوي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال «جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الأولى والعصر، وبين المغرب والعشاء، فقيل له في ذلك فقال: صنعتُ هذا لكي لا تُحرَج أمتي» رواه الطبراني. فالقاعدة في الجمع هي أنه جائز إن وجد عند المصلي عذر يسبب حرجاً له إن هو لم يجمع بين الصلاتين، وهذه قاعدة واسعة بلا شك. وكما تنعقد الصلاة في المسجد فإنها تنعقد في البيت وفي المزرعة وفي المصنع وغيرها، وكما تنعقد الصلاة في جماعة فإنها تنعقد من المنفرد، وهنا نقول ما يلي:
إن الجمع بين الصلاتين يجوز حيث تنعقد الصلاة، فيُجمع في المسجد كما يُجمع في البيت وفي المزرعة وفي المصنع وغيرها، ويُجمع من قِبَل الجماعة كما يجمع من قِبَل المنفرد سواء بسواء دون ملاحظة أي فارق بينها ما دام العذر موجوداً، وهذا العذر إن وُجِدَ جاز الجمع بسببه دون اشتراط وجود المشقة لدى المصلّي، ففي وجود العذر يستوي وجود المشقة وعدم وجودها، كالسفر مثلاً فإنه يبيح الجمع سواء نالت المسافرَ مشقةٌ في سفره أو لم تنله، والمطر مثلاً فإنه يبيح الجمع للمصلّين جماعةً ومنفردين سواء نالتهم مشقةٌ منه أو لم تنلهم، لأن العذر العام أو الحاجة العامة إذا وُجِدَتْ أثبتت الحكم في حقِّ الجميع سواء من نالته مشقّةٌ منه ومن لم تنله، والدليل على عدم وجوب وجود المشقّة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع في المطر في مسجده ولم يكن بين بيته وبين المسجد شئ.