قلتُ: لكن بعضَهم استحسَن تفسيرَه، فقد قال الحافظ نفسُه في "التهذيب":
ورُوي عن الشافعي من وجوه: الناس عيالٌ على مقاتلٍ في التفسير.
وقال نعيمُ بن حمَّاد: رأيتُ عند ابنِ عيينةَ كتابًا لمقاتلٍ فقلتُ: يا أبا محمدٍ تروي لمقاتلٍ في التفسير؟! قال: لا، ولكنْ أستدلُّ به وأستعين.
وقال ابن المبارك لمَّا نظر إلى شيءٍ من تفسيره: يا له مِن علَم لو كان له إسناد.
وقال مكيُّ بن إبراهيم عن يحيى بن شبلٍ: قال لي عبَّادُ بن كثيرٍ: ما يمنعُك من مقاتلٍ؟ قلتُ: إن أهل بلادنا كرهوه، فقال: لا تكرهْه، فما بقي أحدٌ أعلمَ بكتاب اللَّه تعالى منه.
وبعضُهم لم يقبل تفسيرَه كإبراهيمَ الحربيِّ، فقد ذكر عنه الحافظ في "التهذيب" قوله: وإنما جمع مقاتلٌ تفسيرَ الناس وفسَّر عليه من غيرِ سماع، قال إبراهيم: ولم أُدخلْ في تفسيري عنه شيئًا، وقال إبراهيم: تفسيرُ الكلبي مثلُ تفسيرِ مقاتلٍ سواءٌ.
قلت: وكلَا المقاتلَين قد رُوي عنه أقوالٌ في التفسير أوردها المفسِّرون في كتبهم، وقد رأيتُ من خلال العمل في هذا التفسير وقوعَ خلطٍ أيضًا بينهما، فما ينسبُه بعضهم للأول ينسبه غيرُه للثاني، كما أن كثيرًا مما يُنسب لابن حيانَ وجدتُه مذكورًا في التفسير المنسوبِ لابن سليمان، وهذه بعض الأمثلة على ذلك:
- ففي قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}[فصلت: ٣٠] قال المؤلف: وقال مقاتل بن سليمان رحمه اللَّه: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا}: على المعرفة ولم يرتدُّوا.
وهو في "تفسير مقاتل بن سليمان"، وذكره عنه الواحديُّ في "البسيط" والبغويُّ في "تفسيره"، أما الثعلبيُّ فعزاه في "تفسيره" لمقاتل بن حيان.