للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} قرأ أبو عمرو بياء المغايبة؛ ردًّا إلى قوله: {يَعْرِفُونَهُ}، وقرأ الباقون بتاء المخاطبةِ؛ ردًّا على قوله: {أَيْنَمَا تَكوُنُوا} (١).

* * *

(١٥٠) - {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

وقوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} فإنْ قالوا: لم كرَّرَ الأمرَ باستقبالِ الكعبة فقال أوَّلًا: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، وقال ثانيًا: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}، وقال ثالثًا: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}، وقال رابعًا: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، وقال خامسًا: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}؟

قلنا لهذه أجوبة:

أحدها: أنَّ التكرار يَقتضي التَّأكيدَ والتَّقرير.

والجواب الثَّاني: أنَّه نَسْخٌ، حيث نُقِلَ عن قبلة (٢) اليهود، وصعُب عليهم الانتقالُ، فكرَّر الأمرَ به، كما كرَّرَ الأمرَ بالصَّلاة والزَّكاة؛ لما أنَّهما كانتا تَشُقَّان عليهم؛ فإنَّ الصَّلاةَ نهايةُ الخضوع، والزَّكاةَ بذلُ المحبوب، فكرَّرهُما، وفي النُّفوسِ قرَّرهما، وهذا كذلك.


(١) انظر: "السبعة" (ص: ١٦٠ - ١٦٢)، و"التيسير" (ص ٧٧).
(٢) في (أ): "أنه نسخ ثقل على اليهود".