للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أيضًا، فإنَّه وصله بالفاء، وتكريرُه (١) مرارًا لتقريره وتأكيده، ولأنَّ كلَّ واحدٍ منها خُصَّ بجزاءٍ أو (٢) معنًى، مِن ذكرِ سببٍ أو مستحِقٍّ أو حالٍ.

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أَخَذَ عليهم سلطانُ الحقيقةِ كلَّ طريقٍ، فلا (٣) لهم مِن المشرق مَذْهبٌ ولا مِن (٤) المغرب مَضْربٌ، كيف ما ثووا (٥) رَأَوا سرادقاتِ التوحيد محدِقة بهم، قال القائل (٦):

كأنَّ فجاجَ الأرضِ ضاقت برَحْبِها... عليَّ فما تزدادُ طُولًا ولا عَرْضًا

فلا يَسلم لهم نَفَسٌ واحدٌ (٧) مع الخَلْق، وأنَّى ذلك ولا خَلْقَ، وإذا لم يكن، فإثبات ما ليس بشركٍ (٨) في التوحيد، والفقيرُ الصادقُ واقفٌ مع اللَّهِ للَّه باللَّه، لا إشرافَ للأجانب عليهم، ولا سبيلَ لمخلوقٍ إليهم، يُظهِرهم اللَّهُ تعالى في عيونِ الأغيارِ في لبسةٍ سوى ما هم عليه، قال تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} فأمَّا مَن كان محرومًا (٩) فلا يُشكِل عليه شيءٌ مِن أحوالهم.


(١) في (ر): "وتقديره".
(٢) في (ر): "أخص جزاء و".
(٣) في (ر): "فما".
(٤) في (أ): "في". وعبارة "اللطائف": (فلا لهم في الشرق مذهب، ولا لهم في الغرب مضرب).
(٥) في (أ): "نووا"، وفي (ف): "تووا". وفي "اللطائف": (نظروا).
(٦) في (أ): "قال قائلهم".
(٧) في (أ): "واحدة". وليست الكلمة في "اللطائف".
(٨) بعدها في "اللطائف" كلمة غير واضحة كما ذكر المحقق، ورسمها: (سقها).
(٩) في (أ) و (ف): "مجرمًا"، وقوله: "فأمَّا مَن كان محرومًا فلا يُشكِل عليه شيءٌ مِن احوالهم" لم يرد في مطبوع "اللطائف".