للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{تَعْرِفُهُمْ} يا محمَّد أنتَ {بِسِيمَاهُمْ}، ليست تلك السيما ممَّا يَلوح للبصر (١)، تلك سيما تُدركها البصيرةُ، لا إشراف عليهم إلَّا بنور الأحدَّية.

{لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} فإنْ جرى منهم بين الخلق بدون الإلحاف سؤالٌ -لِمَا يشير إليه دليلُ الخطاب- فذاك صيانةٌ لهم وسترٌ لقصَّتهم؛ ليلاحظهم (٢) الخلقُ بعين السؤال، وليس على سرِّهم ذرَّةٌ مِن الإثبات للأغيار.

ويقال: {أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}: وَقَفوا على حكم اللَّه، فأَحصروا نفوسَهم على طاعته، وقلوبَهم على معرفته، وأرواحَهم على محبَّته، وأسرارهم على رؤيته.

ويقال: سِيماهم: استبشارُ قلوبهم عند انكسارِ نفوسِهم، وصياح (٣) أسرارهم إلى العرش؛ نشاطًا عند ذبول ظواهرهم عن الانتعاش عيانًا، وتكسُّر الظاهر عند تكسُّرِ الباطن (٤).

* * *

(٢٧٤) - {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}: الكلماتُ ظاهرةٌ وقد مرَّ كشفُها.


(١) في (أ) و (ف): "للبصير".
(٢) في "اللطائف": (لئلا يلاحظهم).
(٣) في (ر): "وصفاء"، والمثبت موافق لما في "اللطائف".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢٠٩ - ٢١٠).