للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} هو الأجلُ المضروبُ لأداء بدَل الدين (١).

وقال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: الآية في السَّلَم، قال: ولمَّا حرَّم اللَّهُ تعالى الرِّبا أباح السَّلَف (٢)، فدلَّت الآيةُ على اشتراط الأجل في السَّلَم لصحَّته.

ثم هذه الآيةُ أطولُ آيةٍ في القرآن وأبسطُها شرحًا وأبينُها كشفًا وأبلغُها وجوهًا، يُعلِم بذلك أنَّ مراعاةَ حقوقِ الخلق واجبةٌ، والاحتياطَ على الأموال التي بها قوام أمورِ الدنيا والدِّين لازمٌ.

وقال القشيريُّ: وفيما شُرع مِن الدَّين رفقٌ لأرباب الحاجات؛ لأنَّ مَن مسَّته الحاجةُ يحمله الحالُ على الاحتيال، ويَضيق به الصدرُ عن الاحتمال، ويمنعه حفظُ التجمُّل عن السؤال، فأذن له في الاستدانة ليَجبُر أمره في الحال، وينتظرَ فضلَ اللَّه في المآل، وقد وعدَ على الإدانة الثوابَ الكثيرَ وذلك (٣) مِن لُطف اللَّهِ الكبير المتعال (٤).

وقوله تعالى: {فَاكْتُبُوهُ}؛ أي: أَثبتوا ذِكْره في كتابٍ يشتمِل (٥) على وصفِ المعاملةِ ومقدارِ الحقِّ والأجلِ، تَرجعون إليه عند الحاجة إليه، وهذا وإنْ كان خطابًا للجميع (٦) ولكنَّه بناءٌ على التداين، فدلَّ أنَّ المخاطبَ به مَن فعَل ذلك.

وقوله تعالى: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ}: أي: فليس كلُّ صاحبِ حادثةٍ


(١) في (ف): "لأداء البدل".
(٢) رواه بألفاظ مقاربة الطبري في "تفسيره" (٥/ ٧٠)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٥٥٤).
(٣) في (أ): "الكثير ذلك"، وفي (ر): "الكبير وذلك".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢١٤).
(٥) في (أ): "مشتمل".
(٦) (ف): "للجمع".