للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَعلم الكتابةَ بنفسه، فلْيعيِّن لها (١) مَن يَعلم ذلك، وليكتبه الكاتبُ العالِمُ العادلُ الذي يُراعي الطرفين، ولا يزيد فيه ولا ينقص منه عن (٢) الحق والعدل بينهما على ما كان، ولا يميل إلى أحدهما بزيادةٍ أو نقصان.

ثم قال العلماء رحمهم اللَّه: ينبغي لهذا الكاتب أنْ يكون ما يَكتبه متَّفَقًا عليه، حتى لا يُتوهَّمَ أنَّه إذا رُفع إلى قاضٍ يرى خلافَه أَبطله.

وقوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ}: هذا نهيُ مُغايَبة، ولذلك سقطت الياء من اَخره، والإباءُ: الامتناعُ؛ أي: لا يمتنعْ كاتِبٌ عن أنْ (٣) يكتبَ هذه الوثيقة.

وقوله تعالى: {كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ}: أي: كما ورد به الأمرُ في الشرع مِن اللَّه تعالى.

وقوله تعالى: {فَلْيَكْتُبْ} هذا أمرُ مغايَبة، ولذلك جُزم.

وقوله تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} وهذا أمر أيضًا على المغايبة، والإملالُ والإملاءُ: الإلقاءُ على الكاتب للكتابة، و {الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} هو الذي عليه الدَّيْن، فلمَّا كان الإملاءُ إليه، دلَّ أنَّ القولَ في الدعاوي قولُ مَن عليه الحقُّ (٤).

وقوله تعالى: {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا}: أي: وليتَّقِ الذي عليه الدَّينُ ربَّه، فلا يمتنعْ عن الإملاء جحودًا لكلِّ حقِّه {وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} (٥)؛ أي: ولا ينقص مِن الدَّيْن الذي عليه شيئًا في الإملاء فيكون جحودًا لبعض حقِّه.


(١) في (أ) "فليسألها" وفي (ف): "فليس لها"، بدل: "فليعين لها".
(٢) في (أ): "ولا ينقص منه بل ليكتب على".
(٣) في (ر) و (ف): "أي لا يأب كاتب أن".
(٤) في (أ): "الدين".
(٥) "منه شيئًا" ليس في (أ) و (ف).